إيلون ماسك: لا تحتاج لشهادة جامعية للعمل في تيسلا!
الكاتبة: لبنى أنيس
هكذا صرح الملياردير الأمريكي، ومالك ومدير شركة سبيس إكس لرحلات الفضاء، وتيسلا للسيارات الكهربائية. وتلك ليست المرة الأولى التي يقول فيها إيلون ماسك: أنك لست بحاجة لأن تكون خريجا لأحد الجامعات لكي تعمل معه. حيث أعلنها من قبل عام 2014 في مقابلة له وقال: إن الحصول على شهادة جامعية من كلية مرموقة لا يعني بالضرورة امتلاكك للمهارات اللازمة للعمل في شركات التكنولوجيا الكبرى.
ولكن ماسك لم يكن الوحيد في هذا التوجه، إذ كان لتيم كوك -رئيس شركة آبل الأميركية -موقفا مشابها عندما أكد بأن هناك عدم توافق بين مخرجات الكليات والمهارات التي تعتقد الشركات أنها بحاجة لها في المستقبل.
وأضاف كوك: أن حوالي نصف وظائف شركة آبل العام الماضي-داخل الولايات المتحدة -كانت من نصيب أشخاص لم يحصلوا على شهادة البكالوريوس.
وآبل واحدة من عدة شركات -منها غوغل، أي بي أم، بنك أوف أميركا-لا تضع الشهادة الجامعية شرطا أساسيا للعمل في وظائف معينة بحسب موقع غلاسدور.
وهذه التصريحات تقودنا مباشرة إلى السؤال، هل أصبح التعليم عبء على المتعلمين، وإضاعة للوقت والجهد؟ ولماذا أصبح التعليم عاجزا (لهذه الدرجة) عن إنتاج أجيال تتمتع بالمهارة، عوضا عن إنتاج آلات تسجيل تحفظ ما يملى عليها فحسب؟
أكدت عدة دراسات أنه: في التعليم التقليدي دور الطالب سلبي، خلال
تلقي المعلومة .و يقتصر على مستويات
التعلم الدنيا كالاستظهار ،والفهم ،ولا يصل إلى مستويات التفكير العليا كالتحليل،
والتطبيق ،والتقييم ؛كما أنه لا يصلح لكثير من
العلوم كالرياضيات، والفيزياء، و باقي العلوم التطبيقية.
و اعتماد التعليم
التقليدي في كل العلوم يؤدي إلى قتل مهارات التفكير، والتفكير الناقد، والتفكير الإبداعي،
لدى المتعلم؛ و لا يتوافق مع النمو
التقني المعلوماتي الكبير الذي حصل منذ بداية القرن العشرين ،فهو يركز على المنهج ولا يراعي الفروق الفردية أو
ميول ومهارات المتعلم.
إذا هل على من يرغب العمل في شركة كبيرة التخلي عن التعليم وبذل جهد أكبر في تطوير المهارات أم على التعليم أن يواكب متطلبات الوقت الحالي واحداث تغيير جذي في مفهوم التعلم؟
من المؤكد أن ترك التعليم ليس بخيار جيد على الرغم من أنه لم يعد شرطا أن تكون خريجا جامعيا لإيجاد فرص عمل جيدة في واحدة من أكبر الشركات في العالم؛ ولكن من ناحية أخرى في مجال العمل لا شيء يدوم. ولا تزال نسبة كبيرة من أرباب العمل يضعون الشهادة الجامعية شرطا أساسيا للحصول على عمل.
إذا فمن الجلي
أن الحل الأمثل هو العمل على تطوير طرائق التعليم لإعداد أجيال تتمتع بالمعرفة، والمهارة.
وفي هذا المجال تعتبر فنلندا مثال يحتذى به. إذ يعتبر نظام تعليمي في فنلندا من
أفضل أنظمة التعليم في العالم، إذ يتفوق غالباً على الولايات المتحدة الامريكية في
القراءة، والعلوم، والرياضيات، وقد قامت الدولة ببناء هيكل تعليمي شامل، مصمم
لتقديم التعليم مجاني لجميع المواطنين.
يتم تصميم التعليم المبكر في فنلندا حول مفاهيم التعلم عن طريق اللعب؛ لتعزيز
النمو المتوازن. ويتم تدريس المرحلة الأساسية لمدة 9 سنوات، على يد المعلمين
الحاصلين على درجة ماجستير، هدفهم هو دعم التلاميذ نحو الإنسانية، والمجتمع
وتزويدهم بالمعرفة، والمهارات اللازمة في الحياة. وتنقسم المرحلة الثانوية إلى مسارين
رئيسيين: عام، ومهني، وكلاهما يستغرق نحو 3 سنوات، إذ يتخذ المسار العام منحى الدراسة
البحثية في المدارس ويخضع الطلاب لامتحان -البجروت-الوطني؛ لتحديد التخصص الجامعي،
بينما يركز المسار المهني على تعلم المهن، والحرف، ويتضمن التلمذة الصناعية إلى
جانب التعلم المدرسي.
وأصبح من الواضح أنه: ليكون لدينا جيل يمتلك كلا من المهارة والمعرفة؛ علينا أن نعطي للإنسان حرية اختيار ميوله وتوجهه والمجال الذي يرغب في امتهانه. ولكن هذا وحده ليس كافيا إن لم يدعم بمناهج حديثة، ووسائل تدريس تواكب النمو الفكري للأجيال، وتدريب المعلمين على أساليب التعليم الحديثة لمواكبة هذا التغيير.