أنا طفل...أنا إنسان قبل أن أكون توحدي (حكاية أم مع التوحد)
الكاتبة: عائشة نيربي
الأمومة هي تحديات للأم وهي أيضا فرحة لطالما انتظرتها ..خاصة أول طفل، وأول حلم ...وأشياء جميلة ومميزة كنت أنتظرها مع طفلي.
ولكن لم أكن أتوقع أن يسود فرحتي منغصات ومشاكل، ومنها أن يكون طفلي لديه التوحد،وأن يدخل شبح التوحد حياتنا .
تروي لنا رنا أم وليد التي تقطن في أريحا عن قصة إكتشافها مرض التوحد لدى طفلها وليد الذي يبلغ من العمر 16عاما الآن. تسرد لنا وبدقة تفاصيل رحلتها مع طفلها( مضيفة).
في عامه الثاني كان وليد يثير قلقها ، إذ لم يكن كأقرانه ، من ناحية التفاعل...والنطق..والإستجابة وكان شديد البكاء والإنزعاج والخوف احيانا. كانت تحسب أن فرط الدلال هو المسبب لذلك، لاسيما أن وليد هو الأبن الأول لوالديه، والحفيد الأول للعائلة.
عرضته بداية على أخصائي للنطق مفصلة له كل دقائق الحالة، والذي بدوره أحال وليد إلى أخصائي نفسي، شخص الحالة على أنها توحد.
التوحد؟! عندها كانت صدمتها الغير متوقعة، خاصة أنها تجهل تماما أي أمر يخص اضطراب التوحد .وكيفية التعامل مع طفلها.
التوحد ليس ذنبي...تقبلوا إختلافي
كان أكثر مايجول بذهنها هو نظرة المجتمع لطفلها ، كانت تروي قصتها وكأنها تذكرت ألم العالم بأسره ..تروي لنا بحرقة.. كيف كانت ساهرة لطفل لايعرف النوم ... تتمنى أن ينظر له الناس أنه طفل وليس مجنون، كيف تقنعهم أن نظراتهم لطفلها تؤلمها، وأن آرائهم تقتلها، وأن كل يوم يمر عليها هو ب مئة يوم، وأنها تتخبط في هذا العالم، بين مجتمع لا يعقل...ومرض لايتوفر له أساليب الشفاء ...وأحلام ضائعة ...وحقوق مخذولة.
وكان الأكثر مرارة وألم عندما يقترب العام الدراسي، وتفتح المدارس أبوابها تفيض عيناها دمعا، هي فقط تحلم كأي أم أن تشتري لطفلها حقيبة، وقرطاسية، وألوان مثل الأطفال الذين هم في سنه. وأن يكون مكانه الطبيعي المدرسة وليس مركز لذوي الإحتياجات الخاصة.
نفس الحال هو في العيد ، كل المناسبات تحاصرها وتلاحقها لتنتزع بريق الفرح من أحداقها.
هذا الوجود مليئ بالأحلام والمواعيد المخذولة
كانت اكثر المواقف تترك داخلها ندبات وآثار لاتمحى، إلا أنها لم تهزم، بل المواقف جعلتها تستقيم وتصبح اقوى لتساند طفلها وتدعمه، ومنذ أن علمت أن طفلها توحدي، قررت أن تتفرغ له ،وأن تكون الأم والطبيب معا، وتعالجه بالحب والدمج الإجتماعي ومن هنا بدأت رحلتها التي كانت تتطلب منها أن تكون على دراية بما يلزم لتدرب طفلها وتؤهله ليتغلب على مصاعب الحياة. وركزت إهتمامها على تدريبه بصريا وسمعيا ليسهل عليه التفاعل مع من حوله. لكن المعوقات حالت بينها وبين علاج وليد، بسبب ظروف الحرب والنزوح المستمر أثر هذا بشكل كامل على علاجه وأيضا إفتقار المدينة لمركز يحتضنه، خاصة أن الطفل التوحدي بحاجة لرعاية وتعامل حسن.
**وأضافت مشيرة برسالة منها لكل أم لديها طفل توحدي، في النهاية هذا واقع وقدر ،والإختباء خلف الإصبع لن يجدي نفعا ،واليأس لن يكون حلا لأن هذا الشيئ سينعكس سلبا على الأسرة بأكملها، علينا دائما السعي للمواجهة وقبول مانحن فيه بصدر رحب ، وإحاطة طفلنا بالحب والأحتواء.