لا تعطني سمكة بل علمني كيف اصطاد
الكاتبة: مجد أكتلاتي
يبدأ النهار في بلدنا من حيث ينهض الأطفال إلى الشوارع في البرد وتوزعهم في الزوايا بثيابهم الرثة وهيئاتهم الخاوية وأجفانهم المطبقة نعاساً وقهراً.
عبارات نسمعها تتكرر من أفواههم تركض لتمسك قدمَيّ فتاة قاصرة ذات الحجاب المنسدل على كتفيها وجهها الأسمر والعينان الصغيرتان جسد يرتجف برداً تقول "الله يخليكي جوعانة ".
مايريده هؤلاء إظهار القهر والعجز في حياتهم أبعدها عن طريقي لأكمل وأنا أنظر ما هو الذي دفع تلك الفتاة لتدخل دوامة التسول.
لن أخوض في عدد هؤلاء الأطفال من فتيات قاصرات وفتية يافعين رجال ونساء، من أين أتوا ومن المسؤول عنهم، هل هم مجموعات يترأسهم أشخاص يملون عليهم الأوامر ؟.
أحياناً أتساءل في مخيلتي أتوصل لطريق مسدود إلى أن لا أحد منهم يعلم أسباب كل شخص سار في طريق التسول.
أناس تتعاطف معهم ،وأناس تبعدهم بقرف واشمئزاز، لكنني أرى المتسول شخص اتكالي يرى في طلب المساعدة من الأخرين حل لمشاكله المادية
وهي الطريقة المثلى له لطلب الرزق ويعتمدها الأشخاص على جلب قوت يومهم من مد أيديهم إلى الناس وطلب المساعدة منهم بطريقة مذلة ومشينة.
ما زاد الطين بلة أن بعضهم أصبح يمارس التسول كمهنة ونتيجة تطور الانترنت ساهم في تحديث "مهنة التسول" باستخدام برامج التواصل الاجتماعي وهي منهجية أفضل وأسهل على الإنترنت فيقوم البعض بالاحتيال على الآخرين من أجل مساعدتهم لقضاء حاجتهم.
أهم علماء البحث الاجتماعي والمختصين بدراسة هذه الظاهرة لدى الفتيات والانحراف الاجتماعي وهناك عديد من الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة منها غياب الأمن والفقر والتفكك الأسري وفقدان العائل أو أحد الوالدين أو بسبب البطالة والجهل مما شجع الفتيات لطلب المساعدة والإحسان من الناس واستدرار عطفهم.
أتوافق مع الدكتور. بلال السكارنه العبادي عندما وضح عن رأيه في ظاهرة التسول حيث قال: يشكل التسول في المناسبات العامة والدينية خاصة ظاهرة تستحق التفحص والتمعن بها ولابد من التعامل معها بمنتهى الجدية والصرامة من قبل الجهات المختصة لما لها من دور سلبي، بالإضافة إلى زيادة التأثير على المحتاجين والفقراء الذين هم بحاجة إلى دعم من قبل جهات حكومية أو جمعيات خيرية أو ذوي الأيدي البيضاء للخير .
وإن السيطرة على هذه الظاهرة شبه مستحيلة لأن القانون يجب تغيره ووضع مواد تحكم عملية التسول بشكل أفضل وعندها يمكن السيطرة على هذه الظاهرة هذا من جانب، أما من جانب آخر لماذا لا يمتنع المواطنون عن تشجيع وإعطاء أية مبالغ لهؤلاء المتسولين ولماذا لايتوجه المحسنون لدعم الجمعيات الخيرية لتبني العائلات.
في سائر الأحوال فإن لهذه الظاهرة التي انتشرت في مجتمعنا بشكل لافت للنظر لها أسباب ومخاطر يجب دراستها والوقوف عندها ولها طرق وقاية وعلاج ينبغي البحث عنها للقضاء على هذه الظاهرة يستدعي تضامن جميع فئات المجتمع من أفراد ومؤسسات وسلطات كل على حسب مسؤولياته فالفرد عليه مسؤولية ذاتية في أن يسعى للعمل حتى لو كان هذا العمل متعباً او لا يناسب مؤهلاته.
من الفقير إلى الغني هناك يدان، ومن الغني إلى الفقير هناك إصبعان.