مليئة بالهموم
الكاتبة: خديجة مقشر
ويقول الحاج مصطفى سائق السيارة كل يوم أجوب العاصمة منذ أكثر من ثلاثين عاما؛ "يصعد معي يوميا الكثير من الركاب، وكل زبون يشكو من الحالة الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة وتدهور الوضع الاقتصادي و قلة فرص العمل وووو....... الخ".
ويوضح بنبرة هادئة خلال قيادته السيارة في محيط ساحة التحرير ، "أعصابي باردة للغاية، لولا ذلك لما استطعت تحمل سماع الشكاوى المتتالية للناس"،الذين حفر الفقر في قلوبهم وأحشائهم كما تحفر تلك القذائف على جدران هذه البيوت "السيارة باتت مليئة بالهموم وحكايات الناس الموجعة على مدار سنوات الحرب"
وبعدما كانت القذائف والانفجارات شغل الناس ومحور أحاديثهم اليومية طيلة الأعوام الأولى من الحرب، باتت اليوم تتحدث عن "المازوت والغاز والمواد المفقودة من السوق"
ويضيف "لم تعد الناس تشعر بالراحة، وتحول الخوف من الموت إلى خوف من الفقر".
وعلى وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، شهدت معظم المواد الغذائية والتموينية -وبينها السكر والأرز، فضلا عن اللحوم وحليب الأطفال وغيرها من المنتجات- ارتفاعا قياسيا في أسعارها، في وقت ترزح فيه الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.
ومما زاد الطين بله تلك البطاقة الذكية التي لاتعرف من الذكاء إلا اسمه حيث أن النظام بات يحتج ويتحدث عن تكنولوجيا لاتحمل في طياتها سوى الفقر والضحك على شعب أرهقته أيام الحرب الثقال، وعلى خلفية أزمة وقود عرفتها البلاد العام الماضي فإن آلاف الأزمات ومنها أزمة الخبز وأزمة السكن وأزمة التعليم وتدهوره موجودة في هذا البلد الذي أرهقته أيام الحرب.
هذا المستنقع المليء بالأزمات لم يتشكل إلا بسبب فقد الأمن والأمان فقد بات المواطن لايأمن على نفسه وعلى أسرته فإما أن يموت جوعا في منزله أو أن يموت خطفا إذا حاول تحصيل لقمة العيش.
وقدرت الأمم المتحدة في وقت سابق كلفة الدمار في البلاد بنحو أربعمئة مليار دولار، كانت نتيجة إصلاحات النظام في قصف المدن والبلدات وتدمير البنية التحتية من مصانع و معامل وجسور وشركات كل هذه الامور اجتمعت على شعب لم يكن في جعبته إلا الصبر على نوائب الدهر.
فأي إعمار وأي سوريا وأي شعب سيستطيع تجاهل كل مامر على رأسه من قتل ودمار وفقر ونزوح وتشريد والعالم صامت ينظر إلى بلد لم يعد يملك من مقومات الحياة سوى اسمها.
نعم مليئة بالهموم باتت تلك السيارة تجوب الشوارع باحثة عن بصيص أمل يحرك ركود هذه الحياة التي جثمت ثقيلة على قلب هذا الشعب